ماذا يحدث عندما تبدأ المهمات الفضائية بالعودة إلى الأرض؟

أوروبا تطوّر تكنولوجيا لا تكتفي بالذهاب إلى الفضاء، بل تعود منه جاهزة للطيران من جديد.

مصدر الصورة:

Space Rider

هل تستطيع أوروبا قيادة التحول نحو مهمات فضائية قابلة لإعادة الاستخدام؟


عادةً ما تكون المهمات الفضائية رحلة باتجاه واحد، لكن وكالة الفضاء الأوروبية
(ESA) تعيد التفكير في هذا النموذج من خلال Space Rider، وهي مركبة مدارية قابلة لإعادة الاستخدام، صُمّمت لتصل إلى المدار الأرضي المنخفض، تنجز مهمتها، ثم تعود بأمان إلى الأرض لتكون جاهزة للمهمة التالية. وعلى عكس الكبسولات أو الأقمار الصناعية التقليدية، تهدف Space Rider إلى جعل الوصول إلى الفضاء أكثر انتظامًا، وبتكلفة أقل، وبطريقة أكثر استدامة للمستخدمين في مجالات البحث والقطاع التجاري.

بدلاً من بناء أنظمة جديدة لكل رحلة، توفر Space Rider حلاً يقلل من التكاليف ويزيد من توفر الرحلات من خلال استخدام المركبة نفسها لما يصل إلى ست مرات. وتعمل كمعمل مداري متنقل يُجري تجارب علمية في الفضاء على مدى أسابيع، ثم تنزلق عائدة إلى الأرض وتهبط على مدرج. تمثل هذه القدرة الجديدة خطوة مهمة نحو تمكين أوروبا من إدارة مهمات فضائية مستقلة ومتكاملة دون الاعتماد على أنظمة من دول أخرى.

كيف تعمل Space Rider على أرض الواقع


يتم إطلاق
Space Rider على متن الصاروخ Vega-C، وهو صاروخ خفيف تابع لوكالة الفضاء الأوروبية. وبمجرد دخولها المدار، يمكن أن تعمل المركبة لمدة تصل إلى شهرين، لدعم تجارب في بيئة انعدام الجاذبية، أو استعراضات تكنولوجية، أو خدمات تجارية. تتكون المركبة من وحدة عودة تؤوي الحمولات، ووحدة خدمة توفّر الطاقة والتحكم في الطيران.

وعند انتهاء المهمة، لا تحترق Space Rider في الغلاف الجوي كما تفعل معظم الأقمار الصناعية، بل تقوم بالدخول المدروس إلى الغلاف الجوي وتفتح نظام مظلات يوجّهها للهبوط بسلاسة على مدرج. وبعد إجراء بعض أعمال الصيانة البسيطة، يمكن استخدامها من جديد، لتقدم نمطًا جديدًا في إدارة المهمات الفضائية الأوروبية. وتُعد هذه أول منظومة أوروبية صُمّمت بهذه الدرجة من المرونة وقابلية التكرار.

طريقة أذكى لإجراء التجارب في الفضاء


ما يميز
Space Rider هو قدرتها على حل عدة تحديات شائعة في رحلات الفضاء دفعة واحدة. فهي تحمل حتى 800 كيلوجرام من الحمولات، وتوفّر مصدر طاقة مستمر، مما يوفّر للباحثين والشركات بيئة مستقرة لتنفيذ عمليات حية في المدار. وتدعم أنظمتها الداخلية تجارب طويلة الأمد في مجالات مثل علم الأحياء وعلوم المواد، دون الحاجة لتدخل بشري. وتتيح إمكانية استعادة الحمولة بسلام الحفاظ على المعدات والنتائج الحساسة، ما يوفر دورة متكاملة نادرة للبحوث المدارية. وبإلغاء الحاجة إلى تصنيع وإطلاق أجهزة جديدة لكل مشروع، تقدم Space Rider طريقة أذكى للاستكشاف وإجراء التجارب في الفضاء
.

الاستدامة والاستقلالية في جوهر الابتكار


لا تتمحور
Space Rider حول الراحة فقط، بل تعكس تحوّلاً أوسع في رؤية أوروبا لدورها في الفضاء. كونها مركبة أوروبية بالكامل، فهي تتيح الاستقلال في الإطلاق والتحكم بالمهمة واستعادتها. ويعني هذا الاستقلال أن أوروبا قادرة على دعم أبحاثها وصناعاتها دون الاعتماد على مزودين عالميين آخرين.

أما قابلية إعادة الاستخدام، فهي تستجيب مباشرة لمخاوف متزايدة بشأن النفايات الفضائية واستهلاك الموارد. وبدلاً من إنتاج أنظمة تُستخدم مرة واحدة، تُظهر وكالة الفضاء الأوروبية أن المهمات الفضائية يمكن أن تكون دائرية: تعود، تُجهز من جديد، وتُستخدم مرة أخرى دون التضحية بالأداء. ومن خلال ذلك، تسهم Space Rider في وضع معيار جديد للاستدامة في النقل المداري.

كما تدعو وكالة الفضاء الأوروبية مؤسسات الصناعة والبحث الأوروبية لتقديم مقترحات لمهام فضائية، مما يشير إلى نهج أكثر انفتاحًا وإتاحةً في مجال علوم الفضاء. وقد يؤدي هذا إلى إنجازات ليس فقط في مجال الطيران، بل في قطاعات مثل الطب والطاقة والاتصالات، التي تستفيد من التجارب في بيئة انعدام الجاذبية.

Lock

لقد تجاوزت حدودك المجانية لمشاهدة المحتوى المميز لدينا

يرجى الاشتراك للحصول على وصول غير محدود إلى ابتكاراتنا.