الحكومة الرقمية في إستونيا تكسب ثقة الناس عبر الإنترنت

وراء الهوية الرقمية ومنصة المواطن في إستونيا يوجد نظام تصويت يثق به الناس حقًا. تعرّف عليه الآن.

مصدر الصورة:

freepik

الحياة الرقمية اليومية في إستونيا


حين تزور إستونيا، ستكتشف أن التصويت يمكن أن يكون بسيطًا مثل التحقّق من بريدك الإلكتروني. فهناك، تستطيع مراهقة أن تُنهي اقتراعها الانتخابي الأول عبر هاتفها قبل التوجّه إلى المدرسة، بينما ينهي صاحب مشروع إقراره الضريبي من المقهى قبل أن يلتحق بمقرّ عمله. هكذا، ومنذ أكثر من عقد، أثبتت هذه الدولة الصغيرة أن الحكومة الرقمية ليست مجرّد فكرة طموحة، بل واقع يكسب ثقة الناس كل يوم.

قوة الهوية الرقمية الواحدة


ينطلق كل شيء من مفهوم أساسي: وجود هوية رقمية آمنة وسهلة الاستخدام. إذ يمتلك كل مقيم بطاقة هوية حكومية، أو هوية عبر الهاتف المحمول، أو هوية ذكية تمنحه وصولًا قانونيًا معتمدًا إلى معظم الخدمات. وبمجرّد تسجيل الدخول الواحد هذا، يصبح بإمكانه:

  • توقيع العقود من أي مكان دون تعقيد
  • تسجيل شركة جديدة خلال دقائق
  • الوصول إلى السجلات الصحية بأمان كامل
  • الإدلاء بصوته في الانتخابات عبر الإنترنت بثقة تامة


علاوة على ذلك، لا يضطر المواطن إلى تكرار بياناته مرارًا وتكرارًا، لأن الجهات الحكومية تتشارك البيانات بشكل آمن عبر نظام موثوق. وبفضل هذا النهج المعروف بمبدأ «مرة واحدة فقط»، توفّر إستونيا ما يعادل أكثر من 1400 سنة عمل سنويًا، من خلال تقليل الأعمال الورقية المتكرّرة.

منصة المواطن: بوابة واحدة لكل الخدمات


في قلب هذا النظام الرقمي المتكامل، تبرز منصة المواطن كمدخل واحد لجميع الخدمات العامة اليومية. فمن خلال تسجيل الدخول باستخدام الهوية الرقمية، يستطيع الفرد الوصول إلى خدمات الضرائب والتعليم والصحة وغير ذلك بسهولة ودون عناء إدارة حسابات متعددة.


وهكذا تصبح التفاصيل اليومية أكثر مرونة:

1.     يستطيع الآباء متابعة الدرجات أو تحديث بيانات أبنائهم المدرسية في دقائق.
2.     يمكن للمرضى تجديد الوصفات الطبية من منازلهم.
3.     بينما يتمكّن أصحاب المشاريع من إنهاء الإجراءات الضريبية دون أوراق أو طوابير.


والأهم من ذلك أن التكنولوجيا هنا تبقى في الخلفية، تؤدي دورها بكفاءة دون أن يشعر بها أحد.

نظام التصويت الإلكتروني: ثقة حقيقية


أما التصويت عبر الإنترنت فهو النقطة التي تتفوّق فيها إستونيا بجدارة. فمنذ عام 2005، أتاح نظام i-Voting للناخبين الإدلاء بأصواتهم من أي جهاز متّصل بالإنترنت. وخلال فترة التصويت المسبق، يستخدم المواطن هويته الرقمية للتحقّق من شخصيته، ثم يختار صوته، لتُزال هويته قبل بدء الفرز، بما يضمن الحفاظ على سرية الاقتراع.


وفي المقابل، تشير الأرقام إلى أن أكثر من 51% من الناخبين صوّتوا عبر الإنترنت في الانتخابات الأخيرة، بينما يستطيع الشباب من عمر 16 و17 عامًا المشاركة في الانتخابات المحلية رقميًا — وهو ما يُعدّ إنجازًا رائدًا في أوروبا.

كيف تحافظ إستونيا على أمان البيانات


سرّ نجاح إستونيا في هذا المجال لا يقتصر على الوعود فقط، بل يقوم على بنية تقنية متينة تشمل ركيزتين أساسيتين:


• X-Road:
شبكة تبادل بيانات لامركزية تربط الجهات الحكومية دون إنشاء قواعد بيانات مركزية يمكن اختراقها بسهولة.
• KSI Blockchain:
طبقة حماية إضافية تمنع تعديل السجلات بشكل خفي.


وبفضل هذا المستوى من الشفافية، يستطيع أي مواطن التحقّق من الجهة التي اطلعت على بياناته وسبب ذلك، مما يعزّز الثقة بين الدولة والفرد على المدى الطويل.

Lock

لقد تجاوزت حدودك المجانية لمشاهدة المحتوى المميز لدينا

يرجى الاشتراك للحصول على وصول غير محدود إلى ابتكاراتنا.